من الآفات في مجتمعنا الحاضر : أكل أموال الناس ظلما وعدوانا،
ولقد شرعة المدنية الحديثة كثيرا من القوانين لتقضي على الخلاف بين الأفراد،
ولكن هذه القوانين لم تعط ثمارها المنشودة بسبب ضعف الوازع الديني .
وسوء التربية الخلقية عند الأفراد ، فترى الشكاوى والدعاوى تكتظ بها سجلات المحاكم ، ولا يجد القضاة الوقت الكافي للبت فيها فيظل قسم كبير معلق سنين في المحاكم مما يضيع الحقوق ، وينزع الثقة ، ويشجع الفساق والأشرار على زيادة مغامراتهم لأعتقادهم أنهم في منأى من العقاب ، إذ لن يكتشف أحد أمرهم ، ولن تثبت إدانتهم إلا بصعوبة وبعد وقت طويل .
والإسلام – بجانب ما شرعه من العقوبات للمعتدين على حقوق الغير –
يتوجه إلى أعماق النفس ليستثير فيها الضمير والخوف من الله لتسلك سبيل الخير مع الغير وتتجنب أكل ما له بالباطل ، قال تعالى :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ) (30)
وأكل مال الغير يشمل كل مأخوذ بغير حق سواء أكان على جهة الظلم كالغصب والخيانة والسرقة والمقامرة ، أم على جهة المكر والخديعة كالمأخوذ بعقد فاسد.
وفي قوله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) بيان أن التجارة لا تحمد ولا تحل إلا إذا صدرت عن تراض من الجانبين ،
والتراضي يحصل حيث لا يكون هناك غش ولا تدليس .
وقد أضاف الله الأموال إلى الجميع فقال: (لا تأكلوا أموالكم ) فلم يقل لا يأكل بعضكم أموال الآخرين للتنبيه إلى تكافل الأمة في حقوقها ومصالحها فهو يقول: إن مال كل واحد منكم هو مال أمتكم ، فمن أكل مال أخيه بالباطل فكأنما أكل مال المؤمنين جميعا .
ثم حذر الله في آخر الآية بأن من يفعل ذلك فعقوبته العذاب الأليم يوم القيامة
وللنبي صلى الله عليه وسلم وصاية تنهى عن أكل أموال الناس بالباطل ،
منها قوله:
( من أخذ من الأرض شيئا بغير حق خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين )
ويحذر النبيء صلى الله عليه وسلم من أكل مال الحرام بقوله:
(كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به ).
نسأل الله لنا ولكم سلامة أموالنا من الحرام......